نظرة في كتاب مرشان رحلة عبر الزّمان والمكان للمهندس إبراهيم العمراني

بقلم د. بدر العمراني

اقتنيت هذه الأيام كتابا لابن العمّ الكاتب والفاعل الجمعوي والمهندس إبراهيم العمراني بعنوان:مرشان…رحلة عبر الزّمان والمكان…معالم وشخصيات…

فألفيته كتابا لطيفا حجما ومضمونا، يغري بالقراءة، ويمتع بالفوائد المبثوثة فيه، إذ صاحبه أحسن الاختيار، بطرقه لموضوع بِكْر لم يُسبق إليه من قبل، جمّع فيه ما طالته يده من نقول انطوت عليها مصادر ومراجع عربية وأجنبيّة، وأودع فيه أيضا معلومات شفهية اقتنصتها أذنه بشهية بعدما التذّت بسماعها.

فأكبرت فيه الوفاء لهذا الحي الذي وُلد فيه وترعرع، هذا الحيّ الذي يُعدّ قطعة أصيلة ومهمّة من مدينة طنجة، والذي لم يحظ بكتابة مفردة سوى شذرات متناثرة. وبمبادرته هذه يكون قد أضاف لبنة جديدة في البناء التاريخي لطنجة، علّها تحفّز غيره يحدو حذوه فيعرّف بأحياء أخرى من أحياء طنجة العامرة.

فقد قسّم الكتاب بعد الإهداء والتّمهيد إلى فصلين:

الفصل الأوّل: مرشان؛ عرّف به بالحيّ وأصل تسميّته، وأبرز معالمه التي ميّزته، من مساجد ومستشفيات وقصور وعائلات ومقاهي وأشعار قيلت.

الفصل الثّاني: حدود مرشان؛ عرّف فيه بالأماكن والأحياء المحاذية لحي مرشان، وهي: شاطئ مرقالة، حسنونة، القصبة، بنعلييم، درادب.

ثمّ ختمه بخاتمة ولائحة المراجع التي اعتمدها وفهرس المحتويات.

بعد تعريفي بالكتاب والإلماع إلى مضامينه بإجمال، يسمح لي المؤلف والقارئ معا بعرض بعض الملاحظات من باب النّصح والإفادة، راجيا أن تكون محفّزة ومشجّعة للمؤلّف بأن يواصل البحث والتّنقيب كي يوسّع بحثه ويكون له طبعة ثانية مزيدة ومنقّحة، ويتمثّل ذلك في:

أوّلا: المنهج

  • التّوثيق: فالمؤلّف رغم اعتماده على مصادر ومراجع؛ إلاّ أنّه أغفل ذلك وتساهل في إثبات معلومات مهمّة دون توثيق مثل كلامه عن: ثانوية زينب النفزاوية، والقصبة.. والهوامش التي يعرّف فيها ببعض الشّخصيات.
  • لائحة المراجع غير مرتّبة؛ والأفضل تُرتّب أبجديا، والكثير من المراجع ينقصها بيانات الطبع والنّشر. مثل: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق. والتاريخ الدبلوماسي …

ثانيا: المعارف؛ بعضها يحتاج ترميما، والبعض الآخر تصحيحا

  • ترميم نقص يخصّ:
  • زاوية الشيخ عبدالله التّليدي، فالمؤلف تناول معهد ابن القطّان، ولم يذكر الزّاوية إلا عرضا بقوله: أسس الشيخ معهدا في مرشان للتعليم العتيق سمّي بمعهد ابن القطان وذلك سنة 1962م. ثم قال في الهامش: الجميع في مرشان ينادي المعهد بالزّاوية. ص49

والصّواب: أنّها كانت زاوية منذ سنة 1962م، تقام فيها الخطبة، وتدرّس في الكتب العلمية كسنن الترمذي وصحيح البخاري وستفسر ابن عجيبة البحر المديد صباحا بعد صلاة الفجر، ومساء بعد صلاة العصر. وقد حضرت عليه دروسا ولازمته أواخر التسعينات. وظلت كذلك إلى حدود سنة 2002م بعد أن قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بهيكلة التعليم العتيق. عندها تحوّل إلى معهد.

  • منزل الرغيوي، ص79

والمقصود بالرغيوي هو: الفقيه محمد بن أحمد الرغيوي(ت1427هـ/2006هـ). وله ترجمة منشورة متداولة في جريدة الشمال بتاريخ 7 ماي 2019. وعند عبدالصمد العشاب في كتابه أعلام طنجة في العلم والأدب والسياسة.

  • العائلات بمرشان.

أهمل ذكر مجموعة من العائلات منها:

البقالي، ومنها: الأستاذ المختار البقالي المعروف بالدمانكي(ت1925م).

الموذن الدزيري وكان منها الأستاذ أحمد بن المختار الموذن وكان يسكن قبالة ملعب مرشان.

الدزيري، والذين عرفوا فيما بعد بالعمراني، ومنهم: أحمد العمراني الذي كان مفتشا لحزب الاستقلال، وبيته معروف بالمطافي، وقد حولته ابنته ليلى إلى مدرسة سنة 2002م. وأخوه حسن العمراني وهو والد المؤلف.

الدكالي الخليفي، ومنهم السيد محمّد بن حمّادي الدكالي الخليفي الذي كان يشتغل بالقنصلية البلجيكية، سكن في سبيلة الجماعة، ثم انتقل إلى حسنونة وبها توفي.

الرغيوي، ومنها الفقيه المذكور قبل، وولده الأستاذ الشّاعر محمد الرغيوي.

التمسماني، ومنها: الشيخ حمادي التمسماني، وبيته مشهور معروف بحي القرية خلف مقبرة مرشان. وولداه: الدكتور محمد، والدكتور عبدالمنعم.

الاخصاصي، ومنها: الفقيه محمد الخصاصي(ت1354/1935م) صاحب التّفسير، الذي كان مرافقا للمولى عبد العزيز، قال عنه عبدالصمد العشاب: (كان يعقد بمسجد مرشان مجالس الحديث الشريف بصحيح البخاري وشرح القسطلاني، وكان السلطان مولاي عبدالعزيز يحضر تلك المجالس العلمية). أعلام طنجة في العلم والأدب والسياسة ص128.

  • المساجد

مسجد مرشان ص39. تحدث عن مقبرته المحاذية للمسجد، ولم يذكر بأنّ من المقبورين فيها: الفقيه المحدث عبدالله بن إدريس السنوسي(ت1350هـ).

والزاوية التيجانية ص44

الصّواب: التِّجَانِيَة نسبة إلى قبيلة تِجانة بدون ياء، لا التيجان جمع تاج.

  • تصحيح:
  • الأشعار وقع في أبيات منها تحريف وكسر منها:

ص128  وغدا زجاج بيوته متألفا

الصّواب:

وَغَدَا زُجاجُ بُيوته مُتَأَلِّقًا

بالقاف لا الفاء

ص 131. وهو إنسان عينها دون ريب ** فلها عزة به وإتلاء

الصواب في الشطر الثاني:

فلها عِزَّةً بِهِ خُيَلاءُ

ص133  واكلا إذا نممت وشيها

الصواب:وَأَ گـْلاَ إذا نَمْنَمَتْ وَشْيَهَا

  • نص ابن الخطيب في تعريف طنجة سأورده مصّححا هكذا: (المدينة العادية، والبقعة التي ليست بالخبيثة ولا بالردية، إليها بالأندلس كانت نسبة المغاربة، والكتائب المحاربة، والرفق السائحة في الأرض الضاربة. سورها ليس بمثلوم، وساكنها غير مَلُوم، وفضلها معلوم، ودارها ليست بدار لُوم. ميدان أفراس كبير، ومعدن هند وذكير.  مَثُلَتْ بين المنار والقالة، وحَكَّمَاها في التفضيل، فأَشْكَلَ الحُكْمُ وتَعَذَّرَتِ المقالة، ولم يصحّ البيع ولا وَجَبَتِ الإِقَالَة. هذي سماء بروج، وهذي أزهار مروج، وكلاهما مركب سرور وسُرُوج، ومتمتع فُروج، ومطعم قديد ومروج. ديارها نبيهة، وأحوالها- بأحوال جارتها الأندلس شبيهة. لكنّ رملها يحشو العين بالذَّرُور عند المرور، ويدخل الدُّور، ويُفْسِد القُدُور..).

وبالمقارنة بين النّقل والأصل لابن الخطيب، اتّضح بأنّ فيه تحريف وسقط، ويتمثّل ذلك فيما العبارات والكلمات التي تحتها خطّ.

وأمّا قول المؤلف (وما يهمنا في وصف لسان الدين بن الخطيب هو ذكره الموقع الجغرافي للمدينة مثلث بين المنار والقالة؛ إذ حدد موقع المدينة الذي يشكل مثلثا بين نقطتين هما: المنار والقالة). ص144.

فخطأ؛ لأنّه لا ذكر للمثلث في كلام الخطيب، وإنّما هو فعل (مَثُلَ، اتّصلت به تاء التأنيث) بمعنى أنّ طنجة تقع شامخة بقصبتها بين حدّين هما: المنار والقالة. والله أعلم.

ثم يطيب لي أن أشير إلى رأي يمكن أن يكون له صلة بمرقالة وهو: عين بَرْقال

مدينة طنجة هي مدينة كبيرة أزلية في آثار كثيرة … ولها عين ماء طيّب يسمونه برقال.. وفيه يقول الشاعر:

بطنجة عين ماء وسط رمل ** لذيذ ماؤه كالسلسبيل

خفيف وزنه عذب ولكنْ ** يطير بشاربه ألْف مَيْل

كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار ص 24.

والحمد لله ربّ العالمين أولا وآخرا، والصّلاة والسلام على سيّد المرسلين.

طمجةبريسhttps://tangerpress.com/news-56139.html

 

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار