على وزير المالية أن يُنهي مسلسل الضغط وابتزاز المدراء الجهويين

“كما أن الصحافة التي أخدت عن هذا المسؤول الجهوي فكرة حسنة، عن مردوديته وعلاقته الجيدة بالموظفين وبمحيط إدارته، تراقب تصرفات الوزارة مع الكفاءات النزيهة والحيوية ذات المردودية الجيدة لفائدة الصالح العام، والوزارة أمام امتحان التعليمات الملكية الصادرة بتشجيع الكفاءات.”

عبد القادر زعري

لا يزال وزير المالية يتفرج على كبار موظفي وزارة لمالية، المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وهم يتعرضون وللمرة الثانية للابتزاز والتهديد. وإذا بقي الوزير صامتا، فقد يكون هو يوما ما في مرمى نفس النيران. لأنه سكت في المرة الأولى، فهاهي حالة ثانية تتكرر، وربما قد تصبح تقليدا، وتصبح الإدارة المغربية شيءا آخر.

فمباشرة بعد الحملة التي تعرض لها الكاتب العام للوزارة “زهير الشرفي”، عقب انتهاء أشغال المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات في ماي الأخير، والتي أبان فيها جميع موظفي المالية وفي مقدمتهم موظفو المديرية العامة للضرائب، عن حس وطني وشعور بالمسؤولين رفيغين، جاء الدور الآن على المدراء الجهويين للضرائب، وعلى وزير المالية تحمل مسؤولياته في حمايتهم.

موظفوا الضرائب بطنجة بفتخرون بأحسن نموذج في التسيير تخرج من بينهم وينتظرون تشجيعه من الوزارة

والأمر يتعلق بأحد أحسن النماذج التي تنتمي للجيل الجديد من المدراء الجهويين، مع فارق وهو أن التسديد هاته المرة بدأ يأتي من الداخل. وليس من مسئولين أعلى منه حتى نقول إنه صراعا ما يدور بين الأجنحة كعادة الإدارات المغربية، وإنما من موظفين تابعين له استطابوا بقاء الأمور كما كانت، وحركهم ضده شعورهم بالتضرر من عملية إعادة انتشار الموظفين والتي أنتجت نتائج طيبة لعمومهم ولخزينة الدولة وللبلد والحمد لله.

المقصود هنا المدير الجهوي للضرائب بأكادير السيد “سعيد أورشاكو“، والذي نعرفه جيدا في جهة طنجة ويعرفه الخاص والعام وكل من له علاقة بالضرائب بطنجة، وقبل التحاقه بأكادير، ولقد كنا نحن السباقين وطنيا لنشر خبر تعيينه بها، كما أن المديرية الجهوية بطنجة لا تزال تفتخر بكونها خرجت مثله وتفتخر به وتقدمه نموذجا يُحتذى به للموظفين، والموظفون بها يتابعون باستغراب ما يتعرض له أمام صمت الوزارة.

كنا نتوقع أن يلقى بعض العراقيل المعروفة التي يواجهها كل مسئول يأخذ على عاتقه تصحيح الأوضاع، لكن لم نكن للأسف نتوقع أبدا أن تأتي هاته العراقيل من داخل إدارته، وبالضبط من لفيف من الموظفين لجأ إلى خيمة العمل النقابي لتصريف انتقامه.

والمنجزات التي حققها في ظرف قياسي معروفة ولا داعي لتكرارها، وقد تحدث بها موظفو الإدارة الجهوية بأكادير، ولقد صاحوا بها في وقفتهم التضامنية، وهو أمر ربما لا سابقة له، في تاريخ الإدارة العامة للضرائب، حيث كان العداء الأعمى هو الصفة الغالبة لعلاقة المدراء بالموظفين.

والصحافة التي نادرا ما تشيد بمسئول عمومي وجدناها وبكل مسئولية ووطنية عالية وإنصاف، وقفت إلى جانب هذا الرجل وليس بالشعارات، وإنما عرضت الأرقام والإحصائيات التي تتحدث عما قدمه هذا مسئول لخزينة الدولة وموظفيه، وكل خصلة تذكرها إلا وترفقها بالصور والإيضاحات.

لكن هاته المنجزات وبكل نكران للذات، يقول المدير الجهوي السيد أورشاكو، إن موظفاته وموظفيه الذين أعاد انتشارهم من حققوها. و “إعادة الانتشار” هاته هي التي بدأت تأتيه منها المشاكل.

فالعناصر التي تم استبدالها بما هو أحسن من حيث الكفاءة والمردودية، اجتمعت لتلتحق بإحدى النقابات وتتخذ منها درعا واقيا، لتصفية حساباتها مع هذا المسئول، فصار اسم هذا المدير الجهوي مطروحا وللمفارقة من النقابة للنقاش وموضوعا للضغط.. وها نحن أمام نسخة ثانية من سيناريو “زهير الشرفي”. فمنذ متى كانت أسماء كبار المسئولين موضوع نقاش بين الوزراء والنقابات ؟ وبالأخص متى كان انتشار الموظفين موضوع احتجاج من نقابة ما ؟

على وزير المالية الشاب تحمل مسؤوليته في حماية كبار موظفيه من الابتزاز. لو كان الابتزاز صادرا من لوبيات اقتصادية لقلنا إنه تهديد خارجي لا يمكن التحكم فيه، ويمكن علاجه بالحوار. لكن المشكل مصدره موظفون تابعون للوزارة. وفي كل الأحوال فهذا المدير الجهوي بالضبط ينبغي تشجيعه على التميز الذي حققه وعلى منجزاته، أين التعليمات الملكية السامية بخصوص تشجيع الكفاءات ؟

من جهة ثانية، على وزير المالية أن ينتبه إلى خطورة ما فعله هذا اللفيف المتضرر من إعادة انتشار الموظفين والتي قام بها هذا المدير الجهوي، هذا اللفيف حاول إثارة التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، فأشاعوا أن هذا المسئول قال كذا وكذا عن الإخوة الصحراويين لإثارة البلبلة. وهي حيلة جديدة ومُبتكرة لم يسبق استعمالها في أدبيات العمل النقابي، وحتى إبليس ربما لن تخطر عليه مثل هاته الحيلة. فأي ابتزاز هذا وأي خذلان يجده الرجل من وزيره ووزارته.

مصدر مطلع قال إن بداية الضجة انطلقت من تضرر أحدهم من قرار إعفاء من تحمل للمسؤولية، اقتضته المصلحة العامة، وهو إجراء روتيني وعادي ومعمول به في كل إدارات الكون. والمعني بقرار الإعفاء كما هو معروف، أمامه إما يقابله بالشكر ويتخده فرصة للتخفف من المتاعب، وإما يتخد منه مناسبة لالتقاط الأنفاس ومراجعة الحسابات.

فإذا كان كل موظف يتم إعفاءه يلجأ للعمل النقابي ويُقيم القيامة على إدارته والوزير ساكت، فهذا تشجيع يؤدي إلى تعميم التمرد والفتن والبلبلة في كل الإدارات المغربية، وحينها نكون أمام الفوضى على الإدارة العمومية السلام.

كما أن الصحافة التي أخدت عن هذا المسؤول الجهوي فكرة حسنة، عن مردوديته وعلاقته الجيدة بالموظفين وبمحيط إدارته، تراقب تصرفات الوزارة مع الكفاءات النزيهة والحيوية ذات المردودية الجيدة لفائدة الصالح العام، والوزارة أمام امتحان التعليمات الملكية الصادرة بتشجيع الكفاءات.

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار