ريادة الملك محمد السادس فتحت باب المصالحة مع إسبانيا بشروط ورتبت الأولويات…



كما تابع الرأي العام الوطني والدولي،ومن ايجابيات الأزمات بين الدول هي أنها تكشف لنا النقاب عن مواطن القوة والتميز لطرف على الآخر وتعيد ترتيب الأولويات،وهو ماعشنا فعلا من خلال التوتر الذي عرفته العلاقات المغربية-الإسبانية،التي اندلعت أولى شراراتها حينما أقدمت إسبانيا على استقبال زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي سرا وبهوية مزورة،ضاربة بعرض الحائط تاريخ مشترك وتعاون اقتصادي لعقود مع المغرب.خطوة غير محسوبة العواقب،كلفت إسبانيا الشيء الكثير اقتصاديا وسياسيا،وأحرجتها أمام المنتظم الدولي،لأنها لم تقم اعتبارا للنضال الطويل الذي انخرط فيه المغرب دفاعا عن وحدته الترابية، ولم تأبه حتى لضحايا مجرم الحرب ابراهيم غالي،والمقيمين داخل التراب الإسباني.الدولة إسبانيا استوعبت الدرس،وتيقنت أنها تتعامل مع شريك اقتصادي يتمتع بوجاهة إقليمية وجيوسياسية،تجعل كبريات الدول على غرار الولايات المتحدة الأمريكية تضرب له ألف حساب.وهو الخطأ الذي سارعت مدريد لتصويبه،من خلال الرسالة الرسمية التي وجهها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في 14مارس الجاري،إلى الملك محمد السادس يطلعه على الموقف الإسباني الجديد،والمتمثل في دعم مقترح الحكم الذاتي لأنه الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.اليوم،ومن خلال دعمها لمقترح الحكم الذاتي على اعتبار أنه المسار الأمثل لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية،تكون إسبانيا قد التقطت بحكمة وآذان صاغية مختلف الإشارات التي وجهها لها الملك محمد السادس،في خطابه السامي بمناسبة دكرى ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2021،حيث أكد فيما معناه:صحيح أن هذه العلاقات مرت،في الفترة الأخيرة،بأزمة غير مسبوقة،هزت بشكل قوي،الثقة المتبادلة،وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها.غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني،بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية.فإضافة إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، نحرص اليوم،على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين.وقد تابعت شخصياوبشكل مباشرسير الحوار،وتطور المفاوضات.ولم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط،وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات،التي تحكم هذه العلاقات.وإننا نتطلع،بكل صدق وتفاؤل،لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية،ومع رئيسها معالي السيد Pedro Sanchez،من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة،في العلاقات بين البلدين،على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل،والوفاء بالالتزامات”.



جلالة الملك،كان واضحا وسلسا في تمرير رسائل جادة إلى الجارة الإسبانية،تقتضي ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لإعادة رسم معالم العلاقة الثنائية بما يحفظ مصالح الطرفين ويحافظ على ثوابتهما المشتركة.وبالحديث عن ثوابت الأمم،فالأمر يتعلق أساسا بملف الوحدة الترابية للمملكة بحيث لن يقبل المغرب ملكا وشعبا من الآن فصاعدا أن يضع يده في يد شركاء مزدوجي المواقف.إسبانيا التي تعول كثيرا على الشراكة الاقتصادية مع المغرب قامت بمراجعات فكرية على ضوء المحددات التي وضعها لها خطاب الملك محمد السادس،من أجل استئناف التعاون الثنائي بكل شفافية واحترام للمصالح المتبادلة.ولعل خروجها التاريخي والغير مسبوق بموقف واضح من ملف الصحراء المغربية قد يكون بمثابة الخطوة الأولى نحو طريق الألف ميل، فهي على الأرجح قد تعبد الطريق لدول أخرى كانت تكابر في إظهار دعمها للمغرب ولعدالة ملف وحدته الترابية.إن الموقف الإسباني المعبر عنه اليوم،يستند على مبدأ “رابح-رابح”،علما أن جميع البلدان أضحت تسير في اتجاه الإيمان بمبادرة الحكم الذاتي وسيادة المغرب على صحرائه وافتتاح عديد من الدول تمثيلياتها الدبلوماسية في الصحراء،كما اعتمد التوجه الإسباني أيضا في إعادة حساباته الجيو إستراتيجية في تبنيه الموقف الجديد تجاه ملف الصحراء،على الدور المغربي الريادي في المنطقة،ورغبته في الحفاظ على مصالحه الحيوية المشتركة مع المغرب،إضافة إلى سعيه إلى كسب الرباط كشريك استراتيجي من أجل ضمان منصة جنوبية قادرة على تكريس التعاون في مختلف القطاعات،خاصة المتعلقة بالأمن والهجرة غير الشرعية.رصانة وتريث المغرب في تطويع الأزمات لصالحه،وإجبار الشركاء على الجلوس لطاولة التفاوض،لم يكن ممكنا لولا حنكة الملك محمد السادس،التي أبان عنها في تعاطيه مع الشريك الإسباني،الذي خانته التقديرات السياسية فيما مامضى واعتقد سهوا أنه ممكن التكالب على مصالح المغرب.هذا الموقف التاريخي والغير مسبوق أصاب الجزائر وصنيعتها البوليساريو في مقتل،كيف لا،وبلاد الكابرانات غامرت بشراكتها الطاقية مع دولة إسبانيا في سبيل الإضرار بالمصالح الاقتصادية للمغرب.لكن مدريد كانت حاسمة في التعاطي مع منطق التصابي المعبر عنه من قبل الشريك الجزائري“الغير موثوق”وهو ما أثبتته إسبانيا حينما عوضت الغاز الجزائري بنظيره الأمريكي للتخلص من تبعيتها الطاقية إلى الجزائر.وتعزيزا للمنعطف الجديد الذي ستدخل فيه العلاقات المغربية-الإسبانية،فقد ينزل مما لاشك فيه بلاغ الديوان الملكي،الصادرمساء اليوم الخميس31مارس2022،كالعلقم في حلق أعداء الوحدة الترابية للمملكة،حيث أجرى عاهل البلاد محادثات هاتفية مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز،جدد على إثرها التعبير عن تقديره الكبير للموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية.كما دعا الملك محمد السادس،بهذه المناسبة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للقيام بزيارة للمغرب في الأيام القليلة القادمة.

طنجةبريسhttps://tangerpress.com/news-34253.html

 






شاهد أيضا


تعليقات الزوار