الجزائر تستدعي السفير الفرنسي بعد اعتقال أحد موظفيها بقنصلية باريس لتورطه باختطاف معارض سياسي

بيان الخارجية الجزائرية… غطاء دبلوماسي لإرهاب نطام يحكم الدولة بمنطق المافيا! البيان الصادر عن الخارجية الجزائرية منذ قليل لا يمكن وصفه سوى بالفضيحة الدبلوماسية والمحاولة اليائسة لقلب الحقائق. فبدلا من اتخاذ موقف مسؤول تجاه تورط أحد موظفيها القنصليين في قضية جنائية خطيرة تتعلق باختطاف معارض سياسي على الأراضي الفرنسية، اختارت خارجية عطاف أسلوب التهجم والتهديد وتبرير ما لا يُبرر.
**أولا، الطريقة التي تصف بها السلطات الجزائرية المعارض أمير بوخرص الملقب ب أمير ديزاد بـ”المارق” تعكس الذهنية الغارقة في أسلوب البوليس السياسي، وتتعامل مع حرية التعبير كجريمة، ومع المعارضين كأعداء شخصيين للنظام في تناقض صارخ مع الدستور الذي صاغه النظام الدكتاتوري . فهل أصبحت صفة “المارق” مبررا للاختطاف والتصفية؟ وهل تحولت الأجهزة القنصلية إلى أداة تمارس الارهاب باسم الدولة الجزائرية خارج الحدود؟
**ثانيا، الملاحظ في البيان تذرع الخارجية بـ“الحصانة والامتيازات المرتبطة بالوظيفة “ لتبرير أفعال إجرامية خارج نطاق المهام المنوطة وهذا تدليس قانوني فج. فالقانون الدولي واضح: الحصانة لا تحمي من الملاحقة في جرائم الحق العام، ولا تشمل أعمالًا عدوانية خارج صلاحيات التمثيل القنصلي. يحاول النظام الجزائري تحويل موظف القنصلية إلى “شهيد سيادة” وهذا ببساطة استخفاف بالعقل والقانون.
**ثالثا، ما ورد في البيان تعبير عن أزمة نفسية أكثر من كونه خطابا دبلوماسيا. فمتى كانت محاربة الجريمة، ومحاسبة المتورطين في جريمة اختطاف على التراب الفرنسي، استغلالا للضحية كـ”واجهة للخطاب المعادي للجزائر”؟ بل متى كانت حماية معارض سياسي جزائري تُعدُّ طعنة في العلاقات، إلا إذا كانت النظام الجزائري يطالب فرنسا رسميا بإعطاء الضوء الأخضر لإرهاب معارضيها في أوروبا؟
**رابعا،محاولات شيطنة أمير ديزاد واتهامه بـ“الارتباط بالإرهاب” وبأنه “مخرب“دون دليل هو تكرار بائس لأسطوانة النظام المكسورة في وجه كل صوت جزائري حر مناهض لدكتاتورية العسكر فالنظام لم يقدم أي دليل قانوني، وفشل في إقناع السلطات القضائية الفرنسية المستقلة بتلبية طلبه والموافقة على تسليم أمير ديزاد، ويظهر اليوم امتعاضه بعد تفجير الفضيحة فخرج باكيا لأن باريس قررت أخيرا أن تتصرف معه وفق القانون بدل المجاملة السياسية.
**خامسا، وهذا الأكثر اشمئزازا في بيان الخارجية تلك اللهجة المتعالية والمليئة بالتحريض في البيان، والتي تهدد بأن “الوضع لن يمر دون تبعات”،وهو ليس فقط استفزاز مجاني من قبل عصابة انكشف أمرها، بل إعلان واضح بأن المافيا الحاكمة في الجزائر تفضل التصعيد على المحاسبة، وأنها مستعد لإفساد العلاقات الثنائية لحماية جريمة ترتكب باسم الدولة الجزائرية.
أحبطت السلطات الأمنية الفرنسية محاولة اغتيال معارض جزائري مقيم على أراضيها، بعد تفكيك خلية يشتبه في ارتباطها بتنسيق مع أجهزة استخبارات أجنبية، في قضية وصفتها مصادر قضائية بـ”بغاية الحساسية” نظرا لتقاطعها مع شبهة تدخل مباشر من طرف النظام الجزائري.
وكشفت صحيفة Le Parisien الفرنسية أن أربعة أشخاص جرى توقيفهم من طرف فرقة الجريمة المنظمة (brigade criminelle) بتنسيق مع المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)، وذلك في إطار تحقيقات سرية تتعلق بمحاولة اختطاف واغتيال المدوّن الجزائري المعارض أمير ديزاد، اللاجئ بفرنسا منذ سنوات.
وأضافت الصحيفة أن المتهمين يواجهون تُهما ثقيلة، من بينها “التآمر الإجرامي“، و”التجسس“، و”الاحتجاز“، و”التخابر مع جهات أجنبية لتنفيذ أعمال إرهابية”، وهي معطيات دفعت النيابة العامة المختصة في قضايا الإرهاب بمحكمة باريس إلى تولي الإشراف المباشر على الملف، الذي بات يأخذ أبعادًا سياسية ودبلوماسية دقيقة.
ومن جهته، تحدث أمير ديزاد عن استمرار الضغوط عليه وعلى محيطه العائلي، مشيرًا في تدوينة نشرها عبر منصاته إلى أن عناصر من المخابرات الجزائرية داهمت منزل والدته المسنّة بمدينة وهران، قبل أن تقتاد شقيقته إلى المحكمة العسكرية بالمدينة نفسها، حيث تعرضت، بحسب روايته، لـ”الترهيب والتهديد” لساعات قبل الإفراج عنها.
وأكد المعارض أن هذه الأساليب ليست جديدة، متهما السلطات الجزائرية بتعقبه منذ سنوات عبر “محاكمات صورية، ومذكرات توقيف دولية، ومضايقات إلكترونية”، بل وصل الأمر، على حد تعبيره، إلى اختطاف قناته على منصة يوتيوب، وتهديد سلامته الجسدية.
وشدد ديزاد على أنه لن يتراجع عن مواقفه، قائلاً في ختام رسالته: “حتى وإن قتلتم والدتي، فإن كل الأمهات الجزائريات الحرائر هنّ أمهاتي… وستستمر المعركة”.