بالقوة الضاربة: أسود الأطلس يكتبون بمداد ” تمغربيت ” صفحة جديدة من التاريخ الرياضي للشعب المغربي المُنتَصِر

بقلم : البراق شادي عبد السلام
إستطاع أسود الأطلس تحقيق نصر كبير بطعم التأهل لدور ثمن النهائي في منافسات كأس العالم قطر 2022 على المنتخب الكندي الذي كان يلعب مباراته الأخيرة مراهنا على جميع الإحتمالات إلا الخسارة في محاولة يائسة لتسجيل خروج مشرف من نهائيات المونديال.وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي بكاريزما قيادية وحضور قوي في أرضية الملعب كان يقود فريقا مغربيا مسلحا بالعزيمة والتحدي والروح القتالية العالية حيث دخل المباراة بشباك نظيف ودفاع منظم وخط وسط قوي وهجوم متقدم،وهدوء تكتيكي في أجواء تنافسية بروح رياضية عالية،وإصرار على اللعب بأناقة الكبار،وفخامة النجوم،ليتصدر المنتخب المغربي مجموعته بعد تعادل أرهق فيه المنتخب الكرواتي،وإنتصار عريض حطم فيه دفاعات بلجيكا،وملحمة كروية بثنائية نظيفة على منتخب كندا(هدف على المغرب بنيران صديقة).حيث إستفاد وليد الركراكي من الأوراق المبعثرة في خط دفاع المنتخب الكندي،ليدفع خط الهجوم بقيادة حكيم زياش وسفيان بوفال والنصيري لتطوير الهجمات المرتدة السريعة معتمدا على خط الدفاع المنظم بقيادة نصير مزراوي،رومان سايس،نايف اكرد،أشرف حكيمي.وخط الوسط بقيادة الكبير سفيان المرابط الذي قام بتغطية قوية للظهيرين مزراوي وحكيمي،ووفر حرية الحركة،ومساحات المناورة لقلب الهجوم حكيم زياش،وكنتيجة لإستراتيجية الهجمات المرتدة السريعة إستطاع زياش تسجيل الهدف الأول في الدقيقة الثالثة من المباراة بعد خطأ قاتل من الحارس الكندي ميلان بورجان،هدف إستطاع به حكيم زياس أن يحقق أرقاما تاريخية مشرفة حيث سجل أسرع أهداف المنتخبات العربية في تاريخ كأس العالم،وجاء هدف زياش في الدقيقة (3:30)كما إنه الهدف الأبعد من حيث المسافة للمنتخبات العربية في تاريخ المونديال (منذ 1966) بمسافة (30.66م)ليسجل إسمه بمداد من الذهب إلى جانب أشرف حكيمي ونور الدين نيبت،وعبد الكريم الحضريوي في عدد المباريات في المونديال برصيد 6 مباريات.الهدف الثاني سجله المنتخب عن طريق المهاجم النصيري بهجمة مرتدة إظهرت مهارات فردية عالية لخط الهجوم المغربي.المنتخب المغربي حقق نتيجة مشرفة أدخل بها الفرحة للملايين من أفراد الشعب المغربي،فهذا المنتخب يمثلنا بحق ويمثل قيمنا وتاريخنا كأمة مغربية مجيدة ضاربة جذورها في التاريخ .هذا الإنجاز ماكان له أن يتحقق دون تعديل البوصلة،وإعادة الثقة في الأطر المغربية عن طريق المواكبة المباشرة،والإعتماد على العمل الجماعي،والإبتعاد عن الفردانية،والتركيز على تحقيق النتائج الإيجابية،وفق منهج أكاديمي رياضي بروح الفريق المتجانس المتكامل.فوز المغرب اليوم يأتي بعد قرار جريئ ومسؤول للسيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم الذي تحلى بالوضوح وبالصرامة قبل ثلاثة أشهر فقط على بداية المونديال،ليقوم بإقالة المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش،الذي فقد المرونة الكافية لترويض أسود ضارية ونجوم عالمية في الفريق ودخل في خلافات مع حكيم زياش ونصير مزراوي وعبد الرزاق حمد الله وغيرهم مما أثر على قدراته القيادية و مدى تأثيره اللاعبين وكيفية الإستفادة من إمكاناته ومواهبهم .تسلم وليد الركراكي فريقا مبعثرا قدم عرضا سيئا في كأس الامم الإفريقية بالكاميرون حيث إستطاع الوصول لدور الربع بصعوبة بالغة،وكانت أمامه فقط ثلاثة أشهر ليقوم في معسكرين تدريبين وثلاث مبارايات ودية بإعادة تأهيل بنية الفريق و بث الروح التنافسية والعمل على الإعداد النفسي و نشر الإيجابية وبناء قوة إفريقية ضاربة بالإستخدام الأمثل للقدرات المتوفرة في الميدان.في بداية الطريق الشاق وليد الركراكي لم يكن محل إجماع من طرف المتتبعين و المراقبين – كاتب المقال أحدهم – ،لأسباب وتقديرات خاطئة لم يعد داع لذكرها،وليد الركراكي متمسكا برؤية فنية وتكتيكية واقعية قام ببناء جسور الثقة مع اللاعبين وخلق قنوات التواصل و الحوار البناء وتذويب الخلافات وإعادة رسم خارطة طريق متكاملة للدخول إلى المونديال بمنطلق الفريق الواحد وبنظرة تفائلية وبروح إيجابية وإرادة صلبة على تحقيق النتائج المفرحة للجماهير المغربية المتعطشة الفوز والتأهل.فوز المنتخب المغربي هو نصر كبير و حدث كروي تاريخي مبني على الثقة المتبادلة بين الجماهير المغربية والبعثة الرياضية المغربية في قطر،هذا الفوز يؤكد على أن المملكة المغربية اليوم تمتلك فريقا كرويا يعبر بصدق على المواهب التي يزخر بها هذا الوطن وضرورة تسريع تنزيل الإستراتيجيات والمبادرات التي تروم تحقيق نهضة رياضية حقيقة تروم الإستغلال الأمثل للقدرات والمواهب والطاقات التي يزخر بها الشعب المغربي .فوراء هذا النصر الكثير من العمل الدؤوب والجهد الكبير والتأطير التقني العالي المستوى نصر يؤكد على الإعداد الجيد، وأن النتيجة العالمية هي إستحقاق وليست فلتة تاريخية.ما حققه المنتخب المغربي اليوم هو أكثر من إنتصار في مباراة لكرة القدم،هو تتويج لمجهودات أخرى تبذل في كل المجالات والميادين والقطاعات في هذا الوطن،هو إنتصار للإرادة المغربية التواقة لإستكمال مسار البناء والتنمية وإنتصار للإنسان المغربي في كل مكان .ملحمة إنتصار المغرب وتأهله على حساب المنتخب الكندي وسط إحتضان جماهيري غير مسبوق،هو رسالة واضحة المعاني لكل مروجي الخطاب التيئيسي والعدمي والإنهزاميون والمشككون في قدرة المنتخب المغربي ومعه الشعب المغربي على تحقيق المعجزات والعبور المستحق وبجدارة وإستحقاق إلى دور ثمن النهائي، وربط ملاحم الحاضر بأمجاد الماضي التليد،وهو ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في رسالة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات قائلا : ” ذلكم أننا أمة شغوفة بالرياضة معبأة،بكل جماهيرها، لنصرة وتشجيع أبطالها،معتزة أيما اعتزاز بما يحققونه من إنجازات ورفع علم المغرب خفاقا في الملتقيات الدولية.”..إنتهى الإقتباس .ماغاب عن هؤلاء الجاهلين لتاريخ المغرب العريق ولقصة الشعب الفريدة مع الإنتصارات أننا مستمرون في تحقيق الحلم نحو مغرب الجرأة و التمكين و أظهر أن ذكاء العقل المغربي ليس أسطورة أو نكتة تتداولها الألسن بشيئ من السخرية الممزوجة بالحسرة على عدم الإستفادة منها،بل أكد أن من ينتصر في النهاية هو من يضع الخطط المناسبة وفق الإمكانيات المتاحة و بدراسة واقعية دقيقة لقدرات الخصم.