بيان للجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي“وحدة اليسارمدخل أساسي للنضال من أجل التغيير الديمقراطي“



عقدت اللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي اجتماع الدورة السادسة عشرة بالرباط، والتي أطلقت عليها تسمية دورة الشهيد المهدي بن بركة، تحت شعار “وحدة اليسار مدخل أساسي للنضال من أجل التغيير الديمقراطي“، يوم السبت 6 نونبر 2021 بمقر نادي هيئة المحامين بالرباط، وبعد الوقوف دقيقة صمت ترحما على الفقيد المناضل عمر الباز وكل المناضلين الذين فقدناهم بين الدورتين، استمعت في بدايته لتقرير الكتابة الوطنية الذي استحضر الذكرى السادسة والخمسين لاختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة، مؤكدا على استمرار الحزب في المطالبة بالكشف عن الحقائق المتعلقة بتلك الجريمة الشنعاء التي لن يطالها التقادم، برفع الدولة الفرنسية للسرية عن التقارير المرتبطة بهذا الاختفاء القسري المدبر، وتحمل الدولة لمسؤوليتها في هاته الجريمة.

وقد تطرق التقرير بالتحليل للسياق العام الذي ينعقد فيه الاجتماع دوليا وإقليميا ووطنيا. وبعد مناقشة عميقة وشاملة من طرف أعضاء اللجنة المركزية لطبيعة المرحلة ومستجداتها، قررت إعلان مايلي :

-على المستوى الدولي، تذكر اللجنة المركزية بتداعيات الأزمة الكبرى للنيوليبرالية والأحادية القطبية التي تمر بمرحلة احتضار بطيء، أبرز مظاهره ارتفاع حدة الصراع والتنافس بين الدول الصاعدة وخاصة الصين، والولايات المتحدة الأمريكية على الأسواق والتكنولوجيا الحيوية والمواقع الاستراتيجية والثروات المعدنية والطاقية، ورغم التراجع الملحوظ لهيمنة الامبريالية الأمريكية على العالم، لازالت تمثل أول قوة عظمى لها أكبر تأثير على المؤسسات والقرارات الدولية، وبالتالي فإن نضال القوى التقدمية ضد الامبريالية سيستمر حتى اندحار هذه الأخيرة.

– على المستوى الإقليمي، أصبحت المنطقة العربية، إضافة للمواجهة المستمرة مع الكيان الصهيوني العنصري ومخاطر تغلغل التطبيع في النسيج المجتمعي والذي انغمست فيه الدولة بشكل علني اقتصاديا وثقافيا وتربويا، مجالا للتنافس الحاد بين القوى العالمية، في حين تمر بلدان المنطقة المغاربية بأسوأ مراحلها، حيث تعمقت معاناة شعوبها من سيطرة أنظمة فاسدة ومستبدة وتابعة، لاتتورع عن الانخراط في تحالفات إقليمية ودولية تحد من سيادة البلدان المعنية، وتزج بها في مستنقع تهديدات الحروب الأهلية والبينية وتعطل أي أمل في الديمقراطية والتمنية والتقدم والتكامل، كان آخرها انقلاب العسكر في السودان على التوافقات الديمقراطية لانتفاضة السودانيين والتي تجددت جذوتها، وهو نفس التفتيت الكولونيالي الذي يتهدد ليبيا ولبنان… إن هاته الهزات العميقة تقتضي وحدة صف القوى الديمقراطية والتقدمية وتكتلها في المنطقة لمواجهة عملاء الفساد والاستبداد والاستعمار الجديد والصهيونية، بالاستمرار في دعم القضية الفلسطينية كبوصلة للمقاومة والتحرير.



-في هذا السياق تنبه اللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، للمخاطر الكبرى للتصعيد الأخير بين المغرب والجزائر، وتسجل بمرارة إقدام النظام الجزائري على اتخاذ إجراءات عدائية سيتضرر منها الشعبان معا المغربي والجزائري، تزيد في تعميق أزمة الثقة وتفتح الباب لسباق التسلح الذي يلتهم حصة كبرى من ثروة البلدين، وينذر باندلاع حرب ستكون أكبر كارثة على المنطقة، لذلك تناشد اللجنة المركزية القوى الديمقراطية والتقدمية في البلدين المسارعة لفتح حوار أخوي شامل للحفاظ على أولوية الأمن والاستقرار وحسن الجوار، بضمان سيادة المغرب على كل أراضيه، ومواجهة كل مؤامرات التفتيت التي تستهدف المنطقة، باعتبار قضية الصحراء المغربية قضية لتحرير الإنسان والأرض بربط السيادة الوطنية بالسيادة الشعبية.

-على المستوى الوطني، تؤكد اللجنة المركزية على عودة الفساد الانتخابي الموجَّه من طرف دواليب الدولة بشكل مبتذل، بشراء لوبياتها للذمم واستغلال نفوذ الأعيان وفقر المغاربة، بالإضافة لإقصاء أكثر من ستة ملايين من مغاربة المهجر من حقهم في المشاركة السياسية وتقزيم أدوارهم فقط في تحويلات العملة الصعبة بدون تحولهم لقوة تُسْمِعُ صواتها ومطالبها انتخابيا. وهو ما يؤكد الهندسة القبلية للخريطة السياسية بتزييف الإرادة الشعبية، وإصرار الطبقة الحاكمة على إضفاء شرعية ديمقراطية مزعومة على واقع الفساد والاستبداد، وقد تجلى ذلك في إلغاء دور الأحزاب سياسيا وبرنامجيا وحصره في تزكية ديمقراطية الواجهة وتأثيت المشهد البرلماني، ما يبرز من جديد ضرورة التغيير الديمقراطي الحقيقي المتمثل في دستور ديمقراطي من الشعب وإلى الشعب، يضمن فصلا فعليا للسلط واستقلال القضاء، وتداولا حقيقيا على السلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة تشرف عليها هيأة وطنية مستقلة، وقبل ذلك إيقاف التراجعات الحقوقية وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والصحفيين والمدونين، وبضرورة انفراج سياسي عام يضمن حقوق وحريات المغاربة .

-في نفس الإطار، تعتبر اللجنة المركزية أن مشروع قانون المالية المعروض على البرلمان يندرج في إطار نفس الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية المتعارضة مع انتظارات وتطلعات الأغبية الساحقة من الشعب المغربي، بدليل الإسراع في رفع وتحرير أسعار المواد الأساسية واستهداف القدرة الشرائية لملايين الأسر المغربية، وتفقيرها بموجات غلاء غير مسبوقة، أمام تكريس المديونية كخيار تبعي للدوائر المالية العالمية، حيث فاقت 90 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وكذا بتحرير غير محسوب للعملة، بدل سن قوانين زجرية لمحاربة ناهبي المال العام ومهربي العملة وثروات المغاربة. وقد كان اللجوء إلى فرض إجبارية جواز التلقيح محاولة يائسة للتغطية على هاته القرارات الخطيرة التي تستهدف قوت المغاربة، ولعل اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية يترجم في الواقع مستوى تذمر وغضب الجماهير الشعبية من كل السياسات العمومية، واللذَين لم تجد الدولة من حل للجمهما إلا بتكميم الأفواه والقمع والاعتقال، مما يتطلب تقوية الجبهة الاجتماعية وتكثيف نضالاتها.

-أخيرا تجدد اللجنة المركزية التأكيد على الضرورة الموضوعية والتاريخية لوحدة اليسار الديمقراطي من أجل معالجة التناقض الأساسي في الوضع الوطني الراهن، والمتجسد في الخلل الفادح في ميزان القوى لصالح القوى الرجعية المعادية لأي تحول ديمقراطي يمس سلطتها ومصالحها الطبقية. في هذا الإطار تظل مكونات فيدرالية اليسار ملزمة باحترام جدولة برنامجها التحضيري ووعودها وتعاقداتها لتوفير وإنضاج شروط اندماج ناجح كفيل بفتح أفق واعد لاستعادة اليسار المغربي لمكانته ودوره في المغرب، لبناء دولة ديمقراطية ومجتمع متقدم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .

الرباط في 7 نونبر 2021

طنجةبريسhttps://tangerpress.com/news-30363.html






شاهد أيضا


تعليقات الزوار