المدونة ليلى كمايحي/ أنفلونزا الطلاق

في عالمنا المتشابك بالعلاقات الاجتماعية، لا تقتصر العدوى على الأمراض الجسدية فحسب، بل تمتد لتشمل السلوكيات والقرارات التي نتخذها في حياتنا. من بين هذه الظواهر المثيرة للاهتمام ما يُعرف بـ”عدوى الطلاق”، حيث يبدو أن قرار الانفصال عن الشريك قد ينتقل بين الأفراد ضمن شبكاتهم الاجتماعية مثل موجة خفية.

هل يمكن أن يكون الطلاق أشبه بعدوى تنتقل من صديق إلى آخر؟ أم أن الأمر مجرد تأثير نفسي واجتماعي يعيد تشكيل نظرتنا للعلاقات؟

دراسة جامعة براون: كيف تنتقل عدوى الطلاق عبر الأصدقاء؟

دراسة أجرتها جامعة براون عام 2013 سلطت الضوء على هذه الظاهرة الغريبة، مؤكدة أن الطلاق ليس مجرد قرار فردي بل قد يتأثر بالسياق الاجتماعي المحيط. و قد أجريت الدراسة على شبكات اجتماعية كبيرة ووجدت أن الأشخاص الذين لديهم أصدقاء أو أفراد عائلة مقربين مطلقين لديهم احتمال أعلى للطلاق , و أن احتمال الطلاق قد يزداد بنسبة تصل الى خمسة و سبعون في المائة إذا كان لديك صديق مقرب مطلق

مدعومةً بنظرية التأثير الاجتماعي، تكشف هذه الدراسة كيف أن العلاقات المتشابكة بين الأصدقاء والأقارب قد تُسهم في جعل الطلاق خيارًا أكثر قابلية للتفكير و قد أفادت الدكتورة ايفون أبيرج باحثة علم النفس في دراسة استمرت سبع سنوات و شملت 37 ألف امرأة و رجل في 1500 موقع عمل في السويد أن احتمالات الطلاق ترتفع أكثر كلما ارتفعت حالات الطلاق في محيط العمل.

مواقع التواصل الاجتماعي: المستوى المرعب لعدوى الطلاق

و الآن عزيزي القارئ لننتقل الى المستوى المرعب : مواقع التواصل الاجتماعي

الطلاق ينتشر بين زملاء العمل المعلومة وصلت , لكن تخيل معي بيئة اجتماعية واسعة النطاق تسهّل أكثر انتقال الأفكار والسلوكيات بين الأفراد, نعم مواقع التواصل الاجتماعي تضاعف من قوة التأثير الاجتماعي بسبب التفاعل المستمر، النشر المتكرر، والتعرض اليومي للقصص والتجارب الشخصية. و هي تسمح للأشخاص بمشاركة تجاربهم الزوجية أو قصص طلاقهم بشكل علني. عندما يشارك أحد الأصدقاء منشورات عن حياته بعد الطلاق وكيف أصبح أكثر سعادة واستقلالًا، قد يبدأ المتابعون بإعادة تقييم علاقاتهم الزوجية

عبر منصات التواصل، يقوم الأفراد بشكل لا شعوري بمقارنة حياتهم بحياة الآخرين. إذا كان أحد الأشخاص يمر بمشكلات زوجية، ورأى منشورات من أصدقاء مطلقين يعيشون حياة تبدو أفضل، فإن هذه المقارنة قد تؤدي إلى تقليل الرضا عن العلاقة الحالية والتفكير في الطلاق كخيار

الطلاق: قرار شخصي أم بصمة اجتماعية؟

سواء أكانت عبر محادثة مع زميل في المكتب أو منشور ملهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تصبح قراراتنا امتدادًا للعلاقات التي نبنيها، والأفكار التي نتعرض لها. الطلاق، الذي كان يومًا قرارًا فرديًا بحتًا، يتحول إلى ظاهرة جماعية تتأثر بالبيئة المحيطة

إن فهم هذا التشابك بين التأثيرات الشخصية والاجتماعية يدفعنا إلى التفكير بعمق في دورنا كأفراد في شبكاتنا الاجتماعية، وكيف يمكن لقراراتنا أن تُلهم أو تؤثر على الآخرين. وبينما نعيش في هذا العصر المتصل، قد يكون الحل هو بناء وعي اجتماعي يعزز العلاقات الصحية ويقدم الدعم بعيدًا عن الضغط أو المقارنة. ففي النهاية، يبقى الطلاق قرارًا شخصيًا، لكنه يحمل بصمة المجتمع بكل تفاصيله

طنجةبريسhttps://tangerpress.com/news-54526.html

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار