دعوة المؤثرين من كل أنحاء العالم في افتتاح ملعب الامير مولاي عبد الله مبادرة رائعة والتفاتة كريمة.

شهدت مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره منتخب النيجر ، التي أقيمت في حفل افتتاح ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، مبادرة جديدة لفتت الأنظار بقدر ما أثارت النقاش. فقد اختارت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الانفتاح على عالم المؤثرين الرقميين، ودعت نخبة من صناع المحتوى البارزين من العالم العربي والإسلامي إلى متابعة المباراة التي انتهت بتأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم 2026. خطوة غير تقليدية، لكنها تعكس وعيًا متناميًا بقيمة التأثير الرقمي في التعريف بصورة المغرب وتقديمه كوجهة رياضية وسياحية في آن واحد.

هذا الحضور اللافت للمؤثرين لم يكن مجرد تفصيل ثانوي في المشهد الاحتفالي، بل كان عنصرًا أساسيًا في الإستراتيجية التي تبنتها الجامعة. فالأسماء التي حضرت تملك ملايين المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، وقد تحولت تغطياتهم المباشرة ومقاطعهم القصيرة إلى مادة دعائية غير مسبوقة لصورة المغرب. مشاهد الملاعب الحديثة، والأجواء الجماهيرية الصاخبة، وحسن التنظيم، كل ذلك انتشر على نطاق واسع بفضل هؤلاء المؤثرين الذين ينقلون تجاربهم بلغة قريبة من الشباب، وبأسلوب جذاب وسهل الانتشار.

المثير في الأمر أن هذه المبادرة جاءت بعد دعوات كثيرة منذ سنة 2022 للتفكير في استثمار هذا الرصيد البشري والإعلامي، خاصة أن المؤثرين والفرق الشبابية العربية والإسلامية أبدعوا في دعم المغرب خلال كأس العالم بقطر، وأضفوا حماسًا استثنائيًا على مشاركة “أسود الأطلس”. يومها، رُفعت أصوات تنادي بضرورة تكريمهم بدعوات رسمية لقضاء عطلات في المغرب على نفقة الدولة، غير أن تلك المقترحات بقيت دون صدى، قبل أن تتجسد بعد ثلاث سنوات في خطوة عملية تستحق التثمين.

ورغم أن الاستجابة جاءت متأخرة، إلا أنها تظل مبادرة إيجابية ترد الجميل لمن ساندوا المغرب في أوقات سابقة. فالمؤثرون لم يكتفوا بالتشجيع من المدرجات أو خلف الشاشات، بل تحولت حساباتهم على منصات التواصل إلى فضاء مفتوح للدفاع عن صورة المنتخب، والترويج لثقافة البلد وهويته. واليوم، حين يرد المغرب التحية بدعوتهم، فإنه يبعث برسالة واضحة مفادها أن أصواتهم مقدرة وأن جهودهم لم تذهب سدى.

هذا التوجه يعكس أيضًا إدراكًا بأن معركة الصورة لا تقل أهمية عن معركة النتائج الرياضية. فالتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026 يعد إنجازًا كبيرًا، لكن القيمة المضافة تكمن في استثمار هذا النجاح لإبراز المغرب كوجهة سياحية وثقافية. المؤثرون، بما يمتلكونه من جماهيرية واسعة، يمثلون أداة فعالة لتسويق الوجه المشرق للمملكة، من بنياتها التحتية إلى طبيعة شعبها وتراثها المتنوع. إنها دبلوماسية ناعمة ترتكز على المنصات الرقمية، وتمنح المغرب حضورًا دائمًا في الفضاء الافتراضي الدولي.

ولا شك أن هذه التجربة ينبغي أن تتحول إلى سياسة مستدامة، تتجاوز مجرد المناسبات الرياضية، لتشمل فعاليات ثقافية وسياحية وفنية. فدعوة المؤثرين لزيارة المعالم التاريخية، أو حضور مهرجانات موسيقية وسينمائية، أو المشاركة في جولات سياحية، من شأنه أن يعزز إشعاع المغرب على المدى الطويل. مثل هذه المبادرات ليست مكلفة بقدر ما هي استثمار استراتيجي يعود بالنفع على البلاد، ويمكّنها من الوصول إلى فئات عمرية شابة يصعب الوصول إليها بالوسائل التقليدية.

في النهاية، أثبتت مباراة المغرب والنيجر أن كرة القدم ليست مجرد لعبة أو نتيجة، بل يمكن أن تكون جسرًا للتواصل والتسويق والتعريف ببلد كامل. والجامعة الملكية المغربية، من خلال دعوتها للمؤثرين، وضعت لبنة أولى في مسار جديد يتعين تعزيزه وتوسيعه. وإذا ما استمر هذا النهج، فإن المغرب لن يربح فقط نقاطًا في سباق الرياضة العالمية، بل سيكسب أيضًا مساحات واسعة في قلوب وعقول الملايين عبر العالم.

طنجةبريسhttps://tangerpress.com/news-57239.html

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار