وداعا عائشة الشنا ..لنا الحزن ولك الخلود ..



بقلم البراق شادي عبد السلام
تغادرنا اليوم إمرأة بقامة وطنْ ..هامة إنسانية كرّست حياتها في خدمة الشعب وخدمة قضاياه الحقوقية المتعددة خصوصا النساء في وضعية صعبة وضحايا الاغتصاب وأشياء أخرى ..خاصت بشجاعة معركة الدفاع عن الأمهات العازبات،والأطفال بدون نسب،وجعلت من جمعية التضامن النسوي،التي أسستهاعام 1985 بالدار البيضاء الحاضن والملجأ لهذه الفئة المستضعفة وللمواليد الذين لفظهم المجتمع ،هذه الجمعية التي حظيت بعطف معنوي ودعم مادي ملكي مستدام .
إجتمعت في عائشة الشنا ميزات وسمات كثيرة يصعب حصرها أو وصفها…فهي الشخصية القوية الصامدة الراسخة الثائرة والمرأة الصامدة المناضلة بشكل ميداني في الشأن الحقوقي والنسوي،وهي في المقابل الأم الحنون والحاضنة الرقيقة و عنوان الحب والإيثار وبلسم الأمل لكل جناح مكسور هذا الوطن ..
‏ﻟﻢ ﻳﻜﻦ طريق عائشة ﺇﻟﻰ المجد الإنساني ﻣﺤﺾ ﻧﺰﻫﺔ،أو رحلة مدفوعة التكاليف بين العواصم والفنادق خمسة نجوم و المنتديات والمؤتمرات والندوات لشرح النظريات والإستعراضات والبحث عن الكلمات المنمقة النمطية وأخذ الصور البئيسة و السيلفيات الصفراء لصنع تاريخ عقيم ومجد من سراب …
بل كانت رحلة حقوقية طويلة في الميدان ..في الشارع ..في القرى في البوادي ..في المستشفيات ..في دور الولادة ..مسار نضالي ﻛﺒَّﺪﻫﺎ الكثير من الألم والدموع وﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺷﺮﺳﺔ ﻟﺘﺮﺳﺎﻧﺎﺕ فولاذية من العقليات البائدة المتحجرة .
بسب إصرارها على عدالة قضيتها وإصطفافها إلى جانب المظلومين والمضطهدين والمهمشين والمتخلى عنهم تعرضت للكثير من التهجم والتنمر والتهميش والإيذاء النفسي والمعنوي ولم تتراجع رغم كل الانتقادات والتهديدات التي قوبل بها عملها النبيل وأعتُبر في لحظات معينة من طرف بعض الجهات الرجعية في المجتمع إنتفاضة ضد التقاليد وتهديدا للأمن المجتمعي،
لتؤسس عائشة الشنا مدرسة نضالية جمعت بين جرأة المبادرة ووضوح الرؤية متلسحة بعزيمة ثابتة فظلت على يقينها بإنتصار القيم الإنسانية عبر التمسك بالحلم المشروع،وتفانت وأغدقت في العطاء المجتمعي على مدى عقود متصلة لتتحول إلى رمز وطني بمسارا متفرد بالشموخ والإباء وأيقونة عالمية في العمل الإنساني.فخلقت لإسمها إحتراما وتقديرا يشهد به العدو قبل الصديق بالإعجاب والإلهام ..عائشة ظلت في كل مراحل حياتها وفية لقناعاتها الإنسانية التي نشأت عليها ومبادئها التي تنحل من تمغربيت التي تربت عليها…عائشة الشنا جسدت بحق معاني المرأة المغربية الحقيقية وهي سليلة العائلة المحافظة العريقة بتمسكها الكبير بتقاليد المجتمع وبرفضها لكل مظاهر الإقصاء والنبذ والتهميش بإسم هذه التقاليد ..ثم بقدرتها السرمدية على العطاء والبذل ونكران الذات،قدرة تستمدها من إيمانها العميق بعدالة قضيتها وإرادتها الصلبة وصدقها وإقتناعها الراسخ بأحقية ونُبل ما تناضل من أجله.وقد لايتسع المجال وتعجز الكلمات عن تعداد إنجازات العظيمة عائشة الشنا في المشهد الحقوقي و الإنساني ودورها الريادي في المجتمع المدني ومواقفها القيادية داخل الحركة النسائية ونضالها و بعملها الميداني وهي المشهود لها بحزمها وصدقها وجرأتها وشراستها في الدفاع عن قضيتها..ﻭﻣﻊ كامل اليقين بأن العمل الإنساني والحقوقي في المغرب وإفريقيا والعالم سيفرز في لحظة تاريخية ما قامات نضالية أخرى،غير أنه علينا أن ننتظر ﺯﻣﻨﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻗﺒﻞ ﺃﻥ يتمكن العالم ﻣﻦ ﺗﻌﻮﻳﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﺩﺣﺔ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﺪ ﺍﻟﺠﻠﻞ..بعواطف ملؤها الحزن و الألم نودع هذه السيدة العظيمة المتفردة،التي جعلت من رحاب قلبها قبل مؤسستها ملجأ لآلاف اليتامى والمحرومين والمتخلى عنهم و النساء في وضعية صعبة ..شكرا للا عائشة على صفاء قلبك وروحك وصورتك ..سلامٌ على روحك الطاهرة النقية..وداعا للاعائشة الشنا ..لك الخلود ولنا الحزن ..أبدا لن يمحى إسمك من ذاكرة هذا الوطن ..
إنا لله و إنا إليه راجعون ..



طنجةبريسhttps://tangerpress.com/news-37430.html






شاهد أيضا


تعليقات الزوار