المنتدى الوطني لحقوق الإنسان يراسل رئيس النيابة العامةفي شأن قانون الصحافة والنشر



المنتدى الوطني لحقوق الإنسان يراسل رئيس النيابة العامة في شأن قانون الصحافة والنشر

المكتب التنفيذي


إلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى

السيد المحترم رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض بالرباط

الموضوع: بخصوص قانون الصحافة والنشر رقم 88.13

سلام تام بوجود مولانا الإمام؛

وبعد، فعلاقة بالموضوع المشار إليه أعلاه، وفي إطار  دخول قانون الصحافة والنشر رقم 88.13 حيز التطبيق، وما واكب ذلك من مؤاخذات، صادرة بالخصوص عن المهنيين الشرفاء بهذا القطاع، ونخص بالذكر ما يصطلح عليه  ”بالملاءمة”، وما خلفته هذه العملية من احتقان، داخل صفوف هذه الشريحة من المجتمع، يشرف المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، كهيئة حقوقية تضع نصب عينيها بناء الإنسان، قبل الحديث عن حقوق الإنسان، مؤمنة بأن هذا البناء لا يمكن أن يتم إلا في إطار احترام هيبة الدولة ومؤسساتها، أن يضم صوته إلى صوت أصحاب المواقع الإلكترونية المتوفرة على إشهاد النيابة العامة، قبل صدور هذا القانون، احتراما لمبدئ  دستوري عريق، ونقصد به ” عدم رجعية القوانين”؛

وكما في علم جنابكم المحترم، أن هذا المبدأ يعتبر من مبادئ العدالة اللازمة لضمان استقرار المعاملات بين الناس، وكذا لضمان ثقتهم في القانون أيضا، هذا علاوة على أن السماح بسريان القانون على الماضي، يفضي ولا شك إلى إهدار ثقة الناس بالقوانين بصفة عامة، ذلك أن التسليم بتطبيق القانون بأثر رجعي، قد يكون فيه إلغاء أو إبطال لتصرفات الأفراد التي نشأت في الماضي؛

وهذا من شأنه، سيادة رئيس النيابة العامة المحترم، أن يولد القلق في نفوس هؤلاء، بالنظر إلى عدم اطمئنانهم على ما اكتسبوه من حقوق؛ مما يؤدي بطبيعة الحال، إلى الاضطراب في معاملات الناس وعلاقاتهم ببعضهم البعض، نتيجة تخوفهم من أن يصبح تصرفهم فيما بعد مخالفا للقانون؛

وعليه فمن حقنا أن نتساءل عما ستؤول إليه ”ملاءمة اليوم” ، في ظل تخوف من صدور قانون الغد، قد يفرض  هو الآخر ملاءمة جديدة؛

مما سيجعل الجميع يعيش حالة شك وتخوف، قد تصل إلى فقد الثقة في المؤسسات، وفي القوانين الصادرة عنها؛

ومن هذا المنطلق، لنا كامل الثقة أن أي عاقل ـــ ومؤسسة رئاسة النيابة العامة، أبرز وأهم العقلاء والحكماء القانونيين ببلادنا ــ لا يمكنه  منطقيا أن يقبل بسريان قانون على وقائع سابقة على نفاده، ذلك أن القانون ـــ كما في علم جنابكم المحترم ــ هو تكليف بسلوك معين، وبالتالي فالتكليف لا يُتصور توجيهه إلى ما فات، وإنما إلى ما هو آت؛

قد نشاطركم الرأي، سيادة رئيس النيابة العامة المحترم، في حرصكم الكبير على حماية الحق العام، من خلال مراقبتكم الصارمة ومتابعاتكم القضائية في حق بعض المواقع الإلكترونية التي لا، أو لم تحترم ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، لكننـا وبكل لباقة ولياقة أدبيتين، لن نقبل كهيئة حقوقية أن يتم المساس بمبدئ دستوري؛

سيادة رئيس النيابة العامة المحترم؛

قد يقول قائل، أن الحالة التي نحن بصددها، تدخل في خانة ” تنازع القوانين”؛ مما يجعلنا مضطرين إلى الإجابة كالتالي: يفرق الفقهاء بين ما يسمى بالحقوق المكتسبة  droits acquis، وبين مجرد الأمل    simple expectative؛ حيث ذهبوا إلى أن القانون الجديد يكون ذا أثر رجعي، فيمتنع تطبيقه إذا كان من شأن هذا التطبيق المساس بحق مكتسب في ظل القانون القديم، ولا يكون للقانون الجديد. هذا الأثر فيجب تطبيقه إذا لم يكن من شأن هذا التطبيق سوى المساس بمجرد أمل..

والحالة هاته، سيادة رئيس النيابة المحترم، أننا في هذه النازلة، أمام حق مكتسب.. بل أمام حقوق مكتسبة، ولسنا أمام مجرد أمل؛

إضافة إلى أنه، وكما في علم جنابكم المحترم، فالقوانين حينما تصدر، ويتم نشرها بالجريدة الرسمية، فإنها لا تطبق بمجرد النشر، وإنما يحدد لها تاريخ لاحق كي تدخل حيز التنفيذ.. وفي ذلك أكثر من دلالة على عدم رجعية القوانين؛

وفي جميع الحالات، سيادة رئيس النيابة العامة المحترم، يبقى الإشهاد هو الفيصل، وبالتالي فلا يمكن من وجهة نظر الفقه والفقهاء القانونيين، تطبيق القانون رقم 88.13 بأثر رجعي، وعلى أصحاب حقوق مكتسبة؛

لكل هذه التوضيحات وغيرها، اسمحوا لنا أن نلتمس من جنابكم المحترم ما يلي:

أولا: التفضل مشكورين، في إطار ما يصطلح عليه في الديمقراطيات العريقة ” بجرأة الإدارة في التراجع عن قراراتها السلبية، التي تمس الحقوق الفردية المكتسبة ”، بإعطاء تعليماتكم إلى الجهات المختصة ـــ خاصة وأننا أمام المساس بحقوق جماعية مكتسبة ـــ قصد العمل على صيانة هذه الحقوق المكتسبة، وذلك من خلال، الكف عن تطبيق القانون بأثر رجعي؛

ثانيا: التفضل، كما عهدناه فيكم من رجاحة عقل، وفطنة، وحكمة، وخبرة، وحنكة، بإسقاط المتابعات القضائية، الجارية حاليا في   حق العديد من المواقع الإلكترونية، المتوفرة على إشهاد النيابة العامة؛

وفي انتظار ذلك، أرجو أن تتفضلوا، سيادة رئيس النيابة العامة، بقبول أسمى عبارات الاحترام والتقدير

نسخة موجهة إلى:

ـــ معالي رئيس الحكومة المحترم؛

ــــ معالي رئيس مجلس النواب المحترم؛

ــــ معالي وزير حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان؛






شاهد أيضا


تعليقات الزوار