الصحفي المختار الغربي: جرائم السياسيين المغاربة
جرائم السياسيين المغاربة
بقلم المختار الغربي
أمور غريبة وقعت خلال الاستحقاقات الانتخابية الثلاثة الأخيرة حول الفائزين والمنهزمين والذين مع والذين ضد والتحالفات المشبوهة والنتائج المهزومة.
منذ ظهور النتائج عرفنا وقرأنا وشاهدنا وسمعنا عدة نتائج بطرق مختلفة ومصطنعة ومشكوك فيها، كلها تتغير من يوم لآخر، سواء على صعيد البلاغات الرسمية أو التصريحات أو الأخبار أو التحليلات. فمرة تعطي النتائج الأغلبية لحزب ومرة لحزب آخر، ومرة يظهر ترتيب لأكبر عدد من الجماعات لهذا الحزب ومرة يتغير هذا الترتيب لحزب آخر.
كل هذه اللخبطة كانت مقصودة بهدف التشويش على حق الناخب في معرفة مصير صوته والتلاعب بفهمه للحقائق كما برزت مباشرة من النتائج. لكن في ظرف أيام قليلة تتغير تلك الحقائق عشرات المرات ولم يعد متاحا معرفة الحقيقة الواحدة المجردة من بينها.
هذه المرة لم يعد هناك شك بأن جميع من لهم علاقة بالانتخابات تلاعبوا بكل تفاصيلها، سواء الداخلية أو الأحزاب أو رموزها ومسؤوليها وأنصارها.
هذه المرة كانت هناك بالفعل جريمة شارك فيها الجميع ذبحوا فيها الديمقراطية والشفافية والوضوح.
هذه المرة لم تبق هناك ذمة نقية وطاهرة، كلهم أصبحوا ملطخين ومتواطئين. وكلهم ربحوا وخسروا في نفس الوقت. لكن الخاسر الأكبر هو الوطن، هم المواطنون المغلوبين على أمرهم بدسائس ومؤامرات النخبة السياسية ومن يسر وسهل لهم أدوات اقتراف الجريمة.
الانتخابات الثلاثة الأخيرة كلها كان لها تاريخ مضى وتاريخ لاحق، نهاية فصل وبداية آخر، موت مرحلة وميلاد أخرى. لكن الأسوأ هو القادم، الأخطر هو الآتي، الضربة المميتة فصلت بين الماضي والمستقبل، وليس هناك حاضر، الحاضر مجرد مخلوق مشوه وأعمى ومعوق ومشلول، ولن يفرز إلا مستقبل أسود كالح وكسيح.
للأسف السياسيون المغاربة وقعوا شهادة الوفاة لذلك المستقبل ودفنوه بكل أمراضه وعلله وسيئاته ومساوئه. لم يعد هناك مستقبل. نحن الآن ننظر الجنازة والدفن، وإذا طال الانتظار ستتعفن الجثة وتتحلل وستنشر رائحتها الكريهة على كل أرجاء هذا الوطن المنكوب.