توفيق بوعشرين والدرس القاسي .. تجاهل الماضي والتحليق المبكر يصطدم بتجاوز حقوق الضحايا والمشتكيات

عبد القادر زعري
أياما بعدما حاول توفيق بوعشرين شق طريقه نحو اعتلاء النجومية من جديد انفجرت في وجهه عاصفة من الغضب، تنتقد هذا التوجه ولم يتردد كثير منها من إظهار السخط ومعه إظهار لقطات جنسية من مجموع ما تمت محاكمته به.
الرأي العام انقسم إلى شطرين منهم من رأى أن جهات ما تنتقم من هذا الصحفي، وشطر رأى أن المعني بالأمر بالغ في استفزازاته العلنية والسرية للضحايا، ولا يحق لمثل مرتكب هاته الأفعال اعتلاء منصة الظهور من جديد كصحفي في ثوب واعظ ومرشد للناس.
قانونيا ربما يحق له مواصلة حقه في التعبير، ولا يحق محاكمته من جديد مادامت العدالة تناولت القضية وفيها حكم نهائي، لكن تمت أخطاء وقع فيها بوعشرين، أو بالأحرى تجاهلها هو والصحفيات الآخران اللذان تناولا مسألة العفو الملكي أو فهموها بطريقة خاطئة.
بوعشرين زميلي سابقا بكلية الحقوق لما كنت أدرس العلوم السياسية بالرباط، وقلت هذا لما كان سجينا موجها الكلام له وللصحفيين الآخرين.
الخطأ الذي وقع فيه الثلاثة، وكنت سباقا إلى إثارته منذ كانوا يمضون السجن، ويطالبون ب”الإفراج الفوري” باعتبارهم “معتقلين سياسيين”، هو أنه تم تجاهل فضيع لحقيقة أن ملفاتهم فيها “أطراف مشتكية”. ومن يقوم بتجاهل هاته الأطراف المشتكية، يستحيل عليه الانسلال من قضاياه بسهولة.
لا يكفي أن تقول “أنا مناضل أو صحفي وضحية ومستهدف وعليهم أن يطلقوني” بل لا بد من وجود حل لحقوق الغير يعني ‘المشتكون”. فالدولة قد تتنازل عن حقوقها لكنها لن تضمن له تنازل الغير.
هاته النقطة هي سبب صعوبة حل ملفات هؤلاء الصحفيين بالطريقة التي يريدونها.فتجاهل مطالب الضحايا والتهرب من الاعتراف بحقوقهم وتسوية مشكل تعويضاتهم، واعتلاء المنبر والتعبير عن المظلومية شيئ مستفز لهم طبعا، والعدالة لن تقصر في ضمان حقوقهم. هذا من جهة.
من جهة ثانية توفيق بوعشرين، كما راج من معلومات، يفكر في مواصلة بناء مشروع إعلامي (وهذا من حقه)، وهذا استفزاز قوي للضحايا وحتى السلطات وهناك أحكام لفائدة الضحايا لم تتم تسويتها، السلطات القضائية قد يستفزها أن يواصل بوعشرين طريقه وكأنه مظلوم وهناك من لفق له كل شيء.
فقد كان من باب الحكمة أن يعترف بوجود مشتكين وضحايا ومطالب وأحكام يجب تسويتها بشكل نهائي، وبعدها عقد مصالحة مع الماضي، ثم العودة بالتدريج لمستقبله. تجاوز المشتكين كان من أكبر أخطاء بوعشرين والصحفيان الآخران.