الرَّدع المَغربي لمُخطَّطات النِّظام الجَزائري المُهَدِّدَة للأمْن الإقليمي.
بقلم : البَرَّاق شادي عبد السلام
تَهاوي قلاع ميليشيا البوليساريو في أمريكا اللاتينية وتواصل دينامية سحب الإعترافات والتجميد وطرد منتحلي الصفات من السفراء الوهميين المرتبطين بالمخابرات الجزائرية هو الضربة الماقبل قاضية للأطروحة الإنفصالية في معاقلها قبل أن يُعلن العقل الإستراتيجي المغربي للعالم في الوقت المناسب الخبر السعيد في لحظة إنتصار تاريخية خبر طرد جمهورية الوهم الانفصالية من منظمة الاتحاد الإفريقي التي ستشكل النهاية الحتمية الطبيعية لتجمع الإرهابيين واللصوص وتجار البشر في مخيمات تندوف وستكون ساعة الصفر لقيام إنتفاضة السكان المحتجزين في ليلة الهروب الكبير من مخيمات الذل والمهانة نحو الحدود المغربية للإنعتاق من أغلال العبودية والظلم والجبروت.هو السيناريو المتوقع لوضع نهاية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل والذي يحاول النظام العسكرتاري الجزائري تجنب حدوثه لأنه سيشكل هو الآخر نهاية مؤكدة للأساطير والمَرْوِيات البومدينية المُؤَسِّسَةِ لسيطرة المُؤَسَّسَة العسكرية الجزائرية على مفاصل الدولة والمجتمع في الجزائر،لذا فالحل الوحيد الممكن أمام نظام شنقريحة لتجنب هذا الكابوس المخيف هو إشعال حرب إقليمية شاملة مع المغرب والأكيد سيكون لها ثمن إقليمي مؤلم من تأثيرات سياسية وديبلوماسية وتداعيات إنسانية قاسية على شعوب المنطقة التي بالتأكيد ليست في حاجة إليها .العقل الشمولي الميكانيكي المتحكم في قصر المرادية تكونت له قناعة راسخة بأن الطريق الوحيد لوقف الإنتصارات الديبلوماسية والسياسية المغربية هو إغراق المنطقة في مواجهة عسكرية شبيهة بالحرب العراقية – الإيرانية التي أغرقت منطقة الخليج والشرق الأوسط طوال ثماني سنوات في حالة من اللايقين والشك والغموض إنتهت بحرب الخليج الثانية والثالثة وإحتلال العراق ثم دخول الشرق الأوسط في دوامة التطرف والحروب الطائفية وسيطرة الميليشيات وتراجع الدول الوطنية القوية لصالح الكيانات والكانتونات الضعيفة المُقَزَّمة، إنتهاءً بالخريف العربي وإنعكاساته المدمرة وصولا لحرب غزة والفظائع التي أدى ثمنها الشعب الفلسطيني في غزة نتيجة الإستقطابات الإقليمية والصراع الجيوسياسي بين إيران وباقي دول المنطقة وإسرائيل في ظل غياب رؤية واضحة للسلام .الأكيد أن نتائج حرب إقليمية مفترضة بين المغرب والنظام الجزائري سياسيا وعسكريا وحسابيا و منطقيا ستكون لصالح المملكة المغربية بسبب صمود الدولة الوطنية المغربية بقيادة المؤسسة الملكية المغربية الضامنة لإستقرار وسيادة الأمة المغربية والقائد الأوحد والوحيد لطموحات الشعب المغربي في الأمن والإستقرار والسيادة،كما أن مهنية وإحترافية وفعالية القوات المسلحة الملكية المغربية في الدفاع عن المقدسات الوطنية بنفس الروح القتالية التي دافعت بها عن الأراضي المقدسة في الصحراء المغربية طوال عقد السبعينيات والثمانينيات سيكون لها دور حاسم ومحوري في تجنب سيناريو الخراب الذي تعده الظغمة العكسرتارية في قصر المرادية؛ أما الجانب الآخر فكل المؤشرات تؤكد أن أي حرب أو مواجهة عسكرية يخوضها الجيش الجزائري خارج منطقة الأمان “safety Zone” ستؤدي إلى تفكك النظام العسكرتاري الجزائري لدويلات طائفية و مجموعات ميليشاوية وتجمعات عسكرية صغيرة ترزخ تحت هيمنة الإملاءات الأجنبية ونتائج مؤتمرات السلام،ولقاءات المبعوث الأممي لحل الأزمة الجزائرية ومخرجات الطاولات المستديرة ومؤتمر جنيف 1 و 2 ،فالدولة الجزائرية ضعيفة ومفككة والجيش الجزائري منفصل عن الشعب الجزائري و إختياراته بقيادات هاوية غارقة في الفساد والصفقات المشبوهة وجمع الثروات في البنوك السويسرية وإنقسام الجيش الجزائري إلى مجموعات قتالية صغيرة ومحلية هو مصيره في ظل غياب مشروع مجتمعي شامل في الجزائر وقيادة وطنية مُوَحِّدَةٍ لعناصره وأفراده .الشواهد التاريخية تخبرنا أن المملكة المغربية لا تريد دولة ضعيفة في حدودها الشَّرقية فلا حاجة لنا بملايين النازحين واللاجئين الجزائيين في مدارات المدن والقرى ومخيمات اللجوء في المناطق الحدودية،فسيناريو الشعب السوري لا يريد أي مغربي حدوثه للشعب الجزائري الشقيق،في الحرب الأهلية الجزائرية أو العُشرية السَّوداء فإن أكبر خدمة قدمها العقل الإستراتيجي المغربي للشعب الجزائري لقناعة وعقيدة مغربية أصيلة هو أنه لم يتدخل في مجرياتها بدعم الأطراف المتقاتلة وإحتضان الميليشيات وتسليحها وتأسيس غرف عمليات على الحدود كما وقع في الملف السوري حيث تحولت دولة سوريا إلى أرض مشاع تتلاعب مخابرات دول الجوار وغير الجوار بأمنها وإستقرارها والعمل على تقاسم مناطق النفوذ بها ولذلك فحرص الفاعل المؤسساتي المغربي على إستقلال وإستقرار و وحدة الأراضي الجزائرية مرتبط بمفهوم الأمن القومي للمملكة المغربية المتعدد الأبعاد والمقاصد.النظام الجزائري اليوم يعيش في عزلة دولية حقيقية يكرسها الفشل البنيوي الذي يعيش فيه الجهاز الديبلوماسي الجزائري نتيجة الإختيارات الخاطئة للنظام من خلال مراهنته على ميليشيا إنفصالية إرهابية من أجل تحقيق إختراقات ديبلوماسية والإضرار بالأمن القومي للمملكة المغربية،فالجزائر طوال العقود السابقة لم تستطع تحقيق أي إنتصار سياسي في أي ملف تشتغل عليه وهذا راجع إلى الإشكالات البنيوية الكبرى التي يعاني منها جهاز الديبلوماسية الجزائرية من خلال وصاية مؤسسات أخرى عليه كالمخابرات والجيش،فالملاحظ أن العديد من الملفات وثقت سقوطا ديبلوماسيا جرائريا ونكوصا سياسيا لدوائر تأثيرها الخارجي كما هو الحال بالنسبة لتساقط السفارات الوهمية للميليشيا الإنفصالية في مختلف دول أمريكا اللاتينية وآخرها دولة “بنما” التي سحبت إعتىافها بجمهورية الوهم وطردت السفير الوهمي في الجزائر،فهذا النظام بسبب غياب الخيارات التنموية في توجهاته الكبرى هو اليوم مُضطر لتسويق إنتصارات ديبلوماسية خارجية لتبرير السياسات الممنهجة لتبديد مُقدرات الشعب الجزائري في سياسات تسليحية ،وإستدعاء محمد عطَّاف من دولاب العشرية السوداء لقيادة الديبلوماسية الجزائرية هو مؤشر قوي على إنتصار التيار العسكرتاري داخل الدولة الجزائرية على التيار المدني مرة أخرى وخضوع الدولة الجزائرية بكامل مؤسساتها للرغبات البومدينية للجنرال شنقريحة،لذا فسياسات محمد عطَّاف وفريقه الديبلوماسي لن تخرج عن نفس السياق التصادمي لسياسات الحرب التي يعتمدها الجنرال شنقريحة،وواجهته المدنية عبد المجيد تبون.بميزانية حرب تبلغ 25 مليار دولار مرشحة للإرتفاع خصصتها الحكومة الجزاىرية “العرباوي 1 و 2” للجيش كشف النظام الجزائري أوراقه الإقليمية كاملة ورغبته الجامحة لإدخال المنطقة في حرب إقليمية قد تحرق الأخضر واليابس وتعرقل بشكل كبير جهود التنمية التي تبذلها مختلف بلدان المنطقة لأجل الخروج من أزماتها في ظل تحديات جيوسياسية خطيرة وتجنب الإنعكاسات المُدمرة للأزمة العالمية على إقتصادها،النظام البومديني التوسعي يخطط إلى تحويل المغرب الكبير إلى بؤرة مشتعلة ستهدد الأمن العالمي والتوازنات الجيوسياسية الدولية .كما إن ارتفاع وتيرة الهجوم ضد المملكة المغربية من طرف كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في الجزائريعكس مستوى القلق الذي ينتاب الجزائر العاصمة جراء تصاعد الدور المغربي في التعامل مع أزمات المنطقة والبدائل التنموية التي يطرحها لشعوبها،فالصراخ على قدر الألم كما يقال.ويبدو أنه بعدما فقد النظام الجزائري مصداقيته في أعين شريحة كبيرة من الشعب الجزائري نتيجة السياسات الإقتصادية والإجتماعية المصاحبة لخطط الحرب المدمرة هي في حاجة إلى إشعال “ساحة تبريد خارجية ” لحالة السخط والغضب والإحباط التي تمس الملايين من الشعب الجزائري الذين ينظرون بألم إلى ما تقوم به الضُّغمَة العسكرية من مجهودات جبارة لتبديد ثروات ومقدرات الشعب الجزائري في صفقات تسليح معيبة و غير ذات فعالية.النظام الجزائري اليوم يسعى إلى التَّحَلل من قواعد الإشتباك الإقليمية التي وضعتها معركة أمغالا الأولى و الثانية عندما قام الجيش المغربي بأسر أكثر من 300 من خيرة عناصر القوات الخاصة الجزائرية وفي روايات تحكى أن الجنرال شنقريحة كان أحد الأسرى برتبة ملازم أول،هنا كان القرار الضمني في قصر المرادية بعدم تدخل عناصر الجيش الجزائري في حرب الصحراء بشكل مباشر لتجنب هزيمة حرب الرمال مرة أخرى وإعتبار مخيمات الرابوني بتندوف آخر نقطة يمكن أن يصلها الجيش الجزائري بشكل علني في حرب الصحراء،تجنبا لأصطدام بين الجيش الجزائري المُعتدي و الجيش المغربي المدافع عن أرضه وصحراءه ،وظل الدور الأساسي للجيش الجزائري وضباطه هو إدراة غرف العمليات والتخطيط للمعارك وضمان وصول سلاسل الإسناد والتموين للميليشيات والمرتزقة المنتمين لجبهة البوليساريو إنطلاقا من قواعد خلفية للجيش الجزائري في مخيمات تندوف .وبالتالي فشل الجزائر في إستمرار تأثير المغالطات السياسية والقانونية التي روجتها طوال عقود في هذا الملف مرده إلى إبتعاد الديبلوماسية الجزائرية عن المنطق السليم والتحليل الدقيق والفهم العميق لطبيعة التوازنات الدولية والإقليمية وعلاقتها بالوضع الجيوسياسي المتأزم الذي تعيشه منطقة شمال وغرب إفريقيا والساحل نتيجة تصاعد المخاطر المهددة للأمن البشري كالإرهاب والهجرة والجريمة العابرة للقارات والإشكالات المرتبطة بالتغيرات المناخية والتطرف العنيف حيث أن هذا النظام يكرس المخاطر والتحديات الأمنية التي تهدد المنطقة من خلال دعمه الكبير لميليشيا البوليساريو الإرهابية بأمتدادتها المعروفة مع الجماعات المتطرفة والأرهابية في الساحل والصحراء الكبرى .في المقابل فالمملكة المغربية من خلال الرؤية الملكية المتبصرة والمجهودات السياسية والديبلوماسية قدمت للعالم عرض سلام إقليمي دائم وشامل ومتكامل يتضمن كل الضمانات التي تدعم جهود الإستقرار والسلام والأمن والتنمية في المنطقة من خلال مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس لحل سياسي تفاوضي للنزاع الإقليمي المفتعل تعززه (مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية )المبادرات المغربية التنموية في الأقاليم الجنوبية للمملكة من خلال التنزيل الدقيق للنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية والأوراش العملاقة المصاحبة له كطريق إفريقيا الأطلسي ( تزنيت-الداخلة ) وميناء الداخلة الأطلسي ومشاريع الطاقات المتجددة والمنطقة الإقتصادية الخاصة بميناء الداخلة والأوراش الإجتماعية والإقتصادية التي تعرفها مختلف مداشر ومدن الصحراء المغربية وخارجيا المشاريع المهيكلة للمملكة المغربي في إفريقيا .الرَّدع بالتنمية لتحقيق الإستقرار الإقليمي هي المقاربة المغربية لمواجهة التهديدات المجنونة للنظام الجزائري لإشعال حرب في المنطقة،الردع التنموي المغربي يمكننا إعتباره أداة فعّالة لتعزيز الاستقرار الإقليمي في مواحهة المغامرات العسكرية للطرف الجزائري من خلال عمل المملكة معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات والصراعات عن طريق تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للشعوب بتشجيع الإستثمار في مشاريع إقليمية مهيكلة بجهود متسقة ومستدامة،وتشبيك كل وسائل الدعم الدولي والتعاون الإقليمي لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتدعيم أسس الأمن البشري،لإدراك الفاعل المؤسساتي في المغرب أن السبيل الوحيد الذي يمكن لدول المنطقة من خلاله أن تبني بيئة مستقرة ومنتجة تعزز السلام والتنمية المستدامة على المستوى الإقليمي هو الإنخراط الواسع في المبادرات المهيكلة الكبرى الذي يطرحها المغرب بمسؤولية وجرأة على شعوب المنطقة حيث قام العقل الإستراتيجي المغربي بتفكيك عناصر الأزمة الإقليمية وتحويلها إلى فرص تنموية مهيكلة وفاعلة كباقي المشاريع التنموية المهيكلة الكبرى الذي دشتنها المملكة المغربية منذ إطلاق السياسة الإفريقية الجديدة للمملكة المغربية بإفريقيا في إطار إستراتيجية التعاون جنوب – جنوب وفق مبدأ رابح – رابح كمشروع الأنبوب الأطلسي – الإفريقي ومسلسل الرباط للدول الإفريقية الأطلسية الطموحة والرائدة.والمبادرة الملكية الدولية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي،وفق مقاربة تشاركية تعتمد على النجاعة والإستدامة والشمول.